انخفاض منسوب البحر الميت وتقلص مساحته

عانى منسوب البحر الميت مؤخرًا من التراجع المستمر، إذ تقلصت مساحته خلال الأربع عقود الماضية بما يزيد عن 35%، وأصبح البحر الميت حاليًا يتكون من حوضين؛ شمالي وجنوبي يقسمهما شبه جزيرة اللسان. ونتيجة للانخفاض المستمر لهذا المستوى، تعرض الجزء الجنوبي (وهو الأقل عمقا) من البحيرة للجفاف.

وقد بلغ المعدل السنوي لانخفاض مستوى مباه البحر الميت حوالي متر واحد كل عام، وأدى الانخفاض التراكمي في مستوى المياه إلى تغيرات كبيرة في تضاريس المناطق المجاورة، بما في ذلك تغيرات لا يمكن الرجوع عنها في الجزء الشمالي، مثل ظهور الحفر الخسفية الخطيرة، وهجر المناطق الشاطئية، والأضرار التي لحقت بالبنية التحتية (الطرق والجسور) و المحميات الطبيعية.

هجر المناطق الشاطئية بسبب الحفر الخسفية الخطيرة

أصبحت الآن بعض شواطئ البحر الميت مناطق منكوبة بسبب خطورتها، خاصة في الجانب الفلسطيني المحتل من البحر الميت، حيث ظهرت هناك أول الحفر الخسفية في أواخر الثمانينيات، واستمرت في الظهور منذ ذلك الحين، وابتلعت الحفر اجزاء من الطرق التي كانت مقامة هناك، ودمرت الانهيارات الأرضية المنطقة.

وفي العقود الأربعة الماضية، ظهر أكثر من 6000 حفرة على طول الجانب الفلسطيني المحتل من البحر الميت، مما جعل دخول أجزاء كبيرة من ساحل البحر الميت أمرًا خطيرًا للغاية، ما حول بعض شواطئ البحر الميت من كنز الطبيعي إلى فخ أرضي قد ينهار في أي وقت ويبتلع ما فوقه.

كيف تتشكل الحفر الخسفية حول البحر الميت؟

مع انخفاض منسوب المياه في البحر الميت، تصبح أجزاء من الأرض التي غمرتها المياه سابقًا مكشوفة فوق خط الماء.

وأثناء انحسار المياه شديدة الملوحة، تترك وراءها طبقة سميكة من الملح الجوفي على عمق حوالي 20 مترًا تحت السطح.

وبسبب انخفاض منطقة البحر الميت، تسيل باتجاهها مياه الأمطار العذبة في الشتاء من الجبال المجاورة، وتتسرب إلى باطن الأرض، فتذيب طبقة الملح الجوفي، ويتشكل تجويف تحت الأرض.

وينهار التجويف في النهاية، مما يؤدي إلى ظهور الحفر الخسفية (Sinkholes).

قد تمتلأ الحفر الخسفية بمياه السيول وتظهر كأحواض مائية تحمل ألوانا مختلفة بحسب محتوى المياه، حيث تشير الألوان المحمرّة إلى وجود أكاسيد الحديد، أو طحالب “دوناليلا سالينا” التي تنشط مع ارتفاع درجة حرارة المياه والملوحة، وتفرز مادة وردية تسبب تلون المياه، واللون الأبيض في هوامش الحفر هي بسبب الأملاح.

وقال ابو كركي ان البحر الميت يعد حالة جيولوجية ومناخية فريدة فهو يقع في أكثر بقاع الأرض انخفاضا، على عمق 417 مترا تحت سطح البحر بحسب قياسات عام 2003، بينما كان على عمق 392 مترا في الستينيات من القرن الماضي  مما يعطي فكرة عن كمية المياه التي فقدها البحرالميت خلال العقود الماضية بسبب التغيرات التي شهدها منذ عقود مما ادى الى تغير مستوى البحر الميت .

واضاف الخبير الاردني ابو كركي ان البحر الميت يتغذى من عدة مصادر اهمها نهر الأردن الذي يصب فيه من جهة الشمال وتأتيه شرقاً كميات لا بأس بها من المياه مصدرها وادي زرقاء ماعين ومن نهر الموجب وغرباً من عين جدي ، مبينا ان البحر الميت يعتبر من مناطق السياحة العلاجية الأكثر نشاطا في المنطقة خاصة وان الأملاح الموجودة به تساعد في شفاء كثير من الأمراض الجلدية كذلك يساعده جوه ذو الرطوبة المشبعة بالأملاح صيفا على شفاء بعض أمراض الجهاز التنفسي كالربو.

كما ويعتبر البحر الميت أيضا من المراكز الاقتصادية التي تتواجد عليها كثير من الصناعات مثل مصانع الملح ومصانع المستحضرات التجميلية والعلاجية، وتزدهر على شواطئه السياحة.

وبين الاستاذ الدكتور ابو كركي ان البحر الميت بدأ يشهد منذ عقود انحسار مياهه نتيجة تراجع تزويده من نهر الاردن الذي يعتبر الشريان الرئيس للبحر الميت اضافة  الى التغيرات المناخية و ارتفاع الحرارة الذي يؤدي الى تبخر المياه بكثافة، وشح الأمطار والتوسع في استخدام مصادر المياه المغذية للاغراض المختلفة بحيث أصبح ما يتبخر من مياهه بفعل ارتفاع  الحرارة يفوق ما يحصل عليه بمعدل مليار متر مكعب سنويا تقريبا.

واضاف ابو كركي أستاذ الجيوفيزياء وعلم الزلازل ان الحد الأعلى من فقدان المياه في البحار هو ميلمتر واحد لكل عشرة أعوام بحيث لا يؤثر على توازنها ، أما في البحر الميت فقد بلغت النسبة اربعة عشرة آلاف ضعف مما ادى الى انخفاض البحر الميت في بعض السنوات الى 1.4م/ سنويا وهذا بدوره ادى الى  تحول المناطق المجاورة للبحر جافة ويابسة هشة بها تراكيب ملحية كثيرة في طبقات الأرض السفلية، تذوب بفعل المياه العذبة التي تأتي الى البحر الميت من مصادر مختلفة مما يخلق فجوات في طبقات الأرض وبالتالي تتحول هذه الفجوات الى حفر انهدامية قابلة للانهيار بأي وقت .

واضاف نجيب ابو كركي ان من أكثر المناطق التي تأثرت بهذه الظاهرة هي منطقة غور حديثة حيث تشكلت فجوات في سطح الأرض  بلغ نصف قطر بعضها 15 مترا وعمقها 25 مترا، ومن المنشآت التي انهارت نتيجة هذه الظاهرة استراحة الضمان الإجتماعي عام 1999 وسد البوتاس رقم 19 عام 2000.

وقدم أبو كركي اقتراحات لدراسة محيط البحر الميت خاصة المناطق المزمع إقامة مشاريع فيها بشكل جيد قبل الشروع بتنفيذ اية مشاريع موضحا انه ليست كل المناطق معرضة للانهيارات وليست على نفس المستوى ، وكذلك اهمية إقامة نظام إنذار مبكر يستند في عمله الى تقنية التداخل الراداري التي تستطيع التنبيه للتشوهات الجيولوجية قبل استفحالها وانتقالها لمرحلة الانهيارات الخسفية بوقت كاف قد يمتد لعدة سنوات .

المصدر مواقع أردنية

التعليقات معطلة.